وقد قيــل: إن معنى هذا، لا تعط أحدا شيئا، وأنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه، فيكون هذا خاصا بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر ) اى : احتسب بصبرك. واقصد به وجه الله تعالى . فامتثل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمر ربه، وبادر إليه، فأنذر الناس، وأوضح لهم بالآيات البينات جميع المطالب الإلهية، وعظم الله تعالى . ودعا الخلق إلى تعظيمه . وطهر أعماله الظاهرة والباطنة من كل سوء، وهجر كل ما يبعد عن الله من الأصنام وأهلها، والشر وأهله، وله المنة على الناس ـ بعد منة الله ـ من غير أن يطلب منهم على ذلك جزاء ولا شكورا . وصبر لله أكمل صبر . فصبر على طاعة الله . وعن معاصي الله . وعلى أقدار الله المؤلمة . حتى فاق أولي العزم من المرسلين . صلوات الله وسلامة عليه وعليهم أجمعين.
اى : فإذا نفخ في الصور للقيام من القبور، وجمع الخلق للبعث والنشور.
لكثرة أهواله وشدائده.
لأنهم قد أيسوا من كل خير، وأيقنوا بالهلاك والبوار. ومفهوم ذلك أنه على المؤمنين يسير . كما قال تعالى:
[11 ـ 31]
هذه الآيات. نزلت في الوليد بن المغيرة . معاند الحق . والمبارز لله ولرسوله بالمحاربة والمشاقة . فذمه الله ذما لم يذمه غيره . وهذا جزاء كل من عاند الحق ونابذه . أن له الخزي في الدنيا . ولعذاب الآخرة أخزى، فقال:
اى : خلقته منفردا . بلا مال ولا أهل . ولا غيره . فلم أزل أنميه وأربيه .
اى: كثيرا (و ) جعلت له (بنين)
اى: ذكورا ( شُهُودًا )
اى: دائما حاضرين عنده، [على الدوام] يتمتع بهم . ويقضي بهم حوائجه. ويستنصر بهم.
اى: مكنته من الدنيا وأسبابها. حتى انقادت له مطالبه. وحصل على ما يشتهي ويريد. ( ثُمَّ ) مع هذه النعم والإمدادات
اى: يطمع أن ينال نعيم الآخرة كما نال نعيم الدنيا.
( كَلَّا)
اى: ليس الأمر كما طمع. بل هو بخلاف مقصوده ومطلوبه، وذلك لأنه
اى: معاندا، عرفها ثم أنكرها. ودعته إلى الحق فلم ينقد لها ولم يكفه أنه أعرض وتولى عنها . بل جعل يحاربها ويسعى في إبطالها، ولهذا قال عنه:
( إِنَّهُ فَكَّرَ) [أي:] في نفسه ( وَقَدَّرَ ) ما فكر فيه. ليقول قولا يبطل به القرآن.
لأنه قدر أمرا ليس في طوره، وتسور على ما لا يناله هو و [لا] أمثاله، {ثُمَّ نَظَرَ} ما يقول.
في وجهه. وظاهره نفرة عن الحق وبغضا له .
( ثُمَّ أَدْبَرَ ) اى: تولى ( وَاسْتَكْبَرَ ) نتيجة سعيه الفكري والعملي والقولي أن قال:
أي: ما هذا كلام الله . بل كلام البشر. وليس أيضا كلام البشر الأخيار . بل كلام الفجار منهم والأشرار . من كل كاذب سحار.
فتبا له . ما أبعده من الصواب. وأحراه بالخسارة والتباب!!
كيف يدور في الأذهان . او يتصوره ضمير كل إنسان . أن يكون اعلى الكلام وأعظمه . كلام الخالق العظيم. الماجد الكريم. يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين ؟؟!!
ام كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد . على وصفه كلام المبدئ المعيد.
فما حقه إلا العذاب الشديد والنكال . ولهذا قال تعالى:
اى: لا تبقي من الشدة، ولا على المعذب شيئا إلا وبلغته.
( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) اى: تلوحهم [وتصليهم] في عذابها . وتقلقهم بشدة حرها وقرها.
من الملائكة. خزنة لها، غلاظ شداد . لا يعصون الله ما أمرهم . ويفعلون ما يؤمرون.
وذلك لشدتهم وقوتهم.
يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة . ولزيادة نكالهم فيها . والعذاب يسمى فتنة . [كما قال تعالى ]:
ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم . إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله:
فإن أهل الكتاب . إذا وافق ما عندهم وطابقه . ازداد يقينهم بالحق . والمؤمنون كلما أنزل الله آية. فآمنوا بها وصدقوا ازداد إيمانهم .
اى : ليزول عنهم الريب والشك. وهذه مقاصد جليلة . يعتني بها أولو الألباب، وهى السعى فى اليقين . وزيادة الإيمان في كل وقت. وكل مسألة من مسائل الدين. ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)





0 التعليقات: